29
"الغابة"
وقفت متسمرة مكاني لدقائق عاجزة عن الكلام، أحدق بظهر أليكساندر والصمت حليفنا. حتى تحرك فجأة صوب الحمام المفتوح وهو
يخلع قميصه. توسعت عيناي على ظهره العاري ولكنه توجه للحوض وعيناه علي من خلال المرآة وبدأ يمسح بعنف على صدره.
“ماذا تفعل؟”
بدلاً من أن يجيب هو استمر بالفرك في عدة أماكن مختلفة بقميصه ثم استدار. لم أكن مستعدة لما قابلني، وعندما أغلق الصنبور وخطا
لي تراجعت للوراء.
“ولآخرة مرة سأقولها، ديانا آركان، وهو أنكِ الوحيدة التي لا تملك ما تخسره. ولذلك نحن لا نساعدك ولا نجيبك ونتظاهر بالجهل. لقد
سئمت.” استطرد واستمر بالتقدم وصدره المشوه يحدق بي. كان يختاجلني شعور غريب لم أفهمه وأنا لا أستطيع رفع بصري عن الحروق والكدمات التي ملأت أركاناً كثيرة من جسده. “سئمت منهم ومن التنقيب عن الأسرار والأهم من ذلك سئمت من نفسي. هم يتحكمون بي وكأنني دمية معلقة بخيوط وأنا أشعر بأني محاصر. أنتِ لا تودين العبور لناحيتنا.”
تجاهلت جملته الأخيرة. “إنهم يهددونك بنقطة ضعفك.”
ابتسم ابتسامة ساخرة ولكن بائسة. “والمثير للضحك في الأمر أنني نفسي لم أكتشف ما هي نقطة ضعفي سوى قريباً. لكن قبل بضعة سنوات؟ لقد كنت مثلك، أكسر القواعد وأستغل سلطتي حتى أكتشف الحقيقة، ولكن أتعلمين، ديانا؟ لا أحد مستعد لإكتشاف الحقيقة، ولا حتى
أنتِ. إن ظننتِ أن حياتك بالفعل تدمرت، فانتظري حتى تتوصلين لكل شئ. اللعبة الحقيقية تبدأ وقتها. والفائز الحقيقي من يخرج منها، لا من يفز بها.”
“لا أصدق أنك كنت تتمرد.”
هذا جعله يضحك بقوة، ولكن ضحكته خلت من مداعبته المعتادة. اليوم كانت غمامة سوداء تسيطر على تصرفاته. لم يكن أليكساندر الذي اعتدته. “لقد كنت أسوأ. أنتِ دخلت الأكاديمية بعد أن خسرتِ الكثير، أنا بها منذ أن تعلمت المشي، وكنت أظن أنني محصّن. أن العذاب
الوحيد الذي سألقاه هو عندما أعود هنا لأبي. لم أفهم أن هنالك من يعاني بسببي طيل هذه المدة. فلقد كنتُ مغفلاً. أحمق.”
من؟
عندها شعر أنه قد أفصح عن الكثير ليرخي قبضته الشديدة من حول قميصه المبتل ويرتديه في حركة سريعة، غير مكترث لبردوة الجو. انغلقت ملامح وجهه وهو يتجه للباب. “لقد تأخر الوقت، لنرحل.”
تبعته في صمت، فلم أشعر أنه الوقت المناسب لأي أسئلة، خصوصاً وأنه أخبرني للتو لما لا يتسطيع مساعدتي. ولكنني لم أستطع تجاهل تحذيراته المتعددة. لقد أخبرني بصراحة بن أتوقف عن البحث عن قاتل أبي وعن سر الأكاديمية. ولكني لا أنكف عن التفكير في ما قاله عن فعل المثل. هل نحن تحت اختبار؟ هل نجح في اختباره عندما توصل لما عرفه؟ هل أنا أخوض اختباري التي وضعته لي الأكاديمية الآن؟ طوال الوقت؟
لم أشعر بنفسي حتى وصلنا لردهة غرفتي، ورغم أن جناح عائلته على الجانب الآخر من القصر إلا أنه أوصلني، لا أعلم إذا كان حتى
يتأكد أنني لن أتسلل مجدداً أم لسبب آخر.
“سؤال واحد.” توقفت أصابعي حول مقبض باب الغرفة. “هل تسببتُ بعقابك على أياديهم من قبل بسبب أفعالي؟”
شعرت بتردده من ظهري وقرع قلبي بشدة وأنا أنتظر نفيه ولكن عندما التزم الصمت أغلقت عيناي واعتصرت المقبض بيدي. “ماذا
عن نقطة ضعفك؟ هل أسأتُ الوضع منذ ظهوري؟”
هنا سمعت صوته لأدير رأسي قليلاً فأرى ابتسامة مطمئنة منه. “كلا. هذا هو الشئ الذي أنا ممتن لك بسببه.”
“ماذا عنك؟ هل سيسوء الوضع إن توصلتُ للحقيقة؟”
صمت قليلاً وهو يشاهد ملامح وجهي، يحاول قرائتي. حتى استقام بطوله ودس كلا يديه في جيوب بنطاله. “افعلي ما يحلو لكِ، ديانا، ولا تقلقي حيالي فأنا أستطيع الإعتناء بنفسي. فقط تذكري أنني حذرتك.”
عندما استدار ارتعشت أصابعي فوق المقبض، وكأني أتمسك به حتى لا ألحقه من الذهاب للجناح الآخر. حيث والده. “أنت لم تجبني.”
أجاب وهو يكمل السير بعيداً: “أنا لا أعبأ لنفسي، ديانا. لو كان الأمر بيدي لتخلصت من حياتي من وقت طويل.”
--------------------------------
”أين ليكس؟”
كنا متجمعين في صالة السينما في القبو نشاهد فيلماً عندما تسائل مالك بصوت عال. كنت أجلس بعيداً عنهم وانتباهي لم يكن على الفيلم ولذلك رفعت رأسي سريعاً عندما تلفت حوله مالك. أليكساندر لم يظهر منذ الصباح ولم أره في أي مكان منذ أن استيقظت.
أزاحت آرتميس غرتها عن عيناها. “إنه في الغابة على ما أظن. لقد كان في الإسطبل منذ قليل.”
ضحك مالك. “ذلك الأناني، إنه يأبى أن نمطتي أحصنته بتاتاً.” مدَّ يديه وذراعيه وشدهما خلف ظهره وهو يتأوه. “أيظن أننا سنقتلهم أم ما شابه؟”
“أنت بالذات أجل،” سخرت آرتميس وهي تنهض من مكانها. “على أية حال، أنا ذاهبة إليه فلقد غاب كثيراً.”
عندما مرت من جواري ألقت نظرة سريعة علي قبل أن تصعد الدرجات لباب الغرفة وتغادر. عضضت شفتي في تفكير ولم أشعر بقدمي تهتز إلا عندما التفتت كيرا في تساؤل لأتوقف مباشرة. ولكن بعد دقيقة لم أتحملها نهضت وتبعت آرتميس.
لم أكد أغلق الباب خلفي حتى قفزت على صوتها: “يالكِ من شخص متوقع.”
كانت تستند على الحائط المجاور للباب عاقدة ذراعيها عندما التفت لها. زفرت في حنق ونظرت بعيداً. “إذاً أنتِ سبب صمته الغريب.”
“ماذا تريدين؟” تركت مقبض الباب في هدوء.
نظرت إلي أخيراً في جدية. “لقد كان معكِ البارحة. هل فعلتِ شيئاً له؟”
“لما أنا الشريرة دوماً؟ من الممكن أنه من فعل شيئاً لي.”
“لا تتحاذقي معي. أليكساندر لن يفعل لكِ شيئاً وكلتانا تعلم هذا.”
رفعت بصري للوحة التي تزين الحائط الأبيض خلفها. “لماذا أنتِ هنا، جولز؟”
“لماذا أنتِ؟ لقد حاولت فهم سبب وجودك معنا وهؤلاء الغرباء لأول مرة. هنالك شئ عجيب يخصك، والأكاديمية جلبت أكيرا وحبيبها والآخرون من أجل تضليلنا. ولكني أعلم أنهم بعثوك هنا لسبب ما.”
قلبت عيناي وبدأت أتحرك بعيداً. “إن اكتشفتِ ذلك السبب أطلعيني عليه رجاءً.”
قابلني الصمت بعدها ولكن صوت أقدامها وهي تتبعني كان واضحاً ونحن متوجهتان لنفس المكان. كانت هذه أول مرة بيننا يلزمنا الصمت ونحن في نفس المكان. وصلنا للإسطبل وبالفعل كما قالت آرتميس: فرسة أليكساندر البيضاء لم تكن موجودة.
حركة من خلفي جعلتني أستدير لأرى آرتميس تضع سرجاً على أحد الأحصنة وتجهزه للركوب. عقدت حاجباي عندما صعدت عليه وبدأت تشده لخارج الإسطبل. لقد كانت ذاهبة خلف أليكساندر.
ولكنها توقفت فجأة وظهرها لي وللإسطبل، وعندما تحدثت لم أصدق ما سمعت:
“هل تريدين الإنضمام؟”
اتخذني الأمر أكثر من دقيقة في ذهول من عرضها حتى سحبت نفسي لأقرب حصان وبدأت أجهزه للإمتطاء. لقد كان فرساً أسود كبير ذو شعر أملس وجلد ناعم. فركت جسده مرة قبل أن أثبت قدمي في الحلقة المعدنية وأدفع جسدي فوق الحصان. شددت اللجام وبدأ الحصان في التحرك. غمرني شعور أكبر مني في تلك اللحظة وأنا منغمسة في تحسس اللجام ورأس الحصان.
ضحكة قصيرة انتشلتني من عالمي لأتذكر وجود آرتميس. “تبدين بلهاء الآن.”
زفرت وأنا أقلب عيناي لكن تجاهلتها لأن تركيزي كان على الحصان، مما كان أهم منها.
“اسمه فلين.”
رفعت رأسي عن صديقي الجديد وحدقت بها قليلاً. “كيف عرفتي أنني أحب الأحصنة؟”
“النظرة في عينيك كانت كافية.” قالتها بقرف وكأن وجهي أزعجه ثم أعطتني ظهرها وبعدها تحركنا في اتجاه الغابة. كانت خطوات الأحصنة الهادئة الصوت الوحيد بيننا مع صوت حفيف الأشجار البسيط لأتذكر أننا لم نجلب سترة لمقابلة هذا الجو. بعد فترة من الحراك كنا قد توغلنا قليلاً.
قالت آرتميس: “هذا بداية ممر الأحصنة ولكنه منقسم لفرعين وإن الغابة كبيرة لذا سننقسم لإيجاده. سأذهب أنا من هنا.”
شاهدتها تسرع من ذلك الممر حتى اختفت من ناظري وفوراً انقسم وجهي في ابتسامة كبيرة وأنا أميل لأتحسس الحصان الجميل. “هل أنت جاهز، فلين؟”
عندما نهر ضحكت وشددت اللجام لينطلق.
ضرب الهواء خصل شعري وشعرت وكأنني أحلق. كان الهواء بارداً ولكن الأدرينالين في عروقي أنساني كل شئ وأنا أندفع بين الأشجار. الغابة كانت شديدة الجمال، وليست مخيفة كما اعتقدت. لقد كانت كحديقة كبيرة، بزهور كثيرة وعديدة الألوان وأشجار مماثلة. ثنيتُ جسدي للأمام عندما زادت سرعتنا ولم أعد أسمع سوى صوت عويل الهواء ونحن نسابقه في أذناي.
لم يكن لدي فكرة لما أنا هنا، وماذا سأفعل عندما أجد أليكساندر. ولكن بعد ما قاله البارحة بدأت نظرتي له تتغير قليلاً، لقد أدركت أن الواجهة التي يضعها لنفسه مزيفة تماماً. لا أظن حتى أن أحد تعامل مع شخصيته الحقيقية أبداً، وأمس لمحت جزءاً منها لأول مرة. ولسبب ما أردت رؤية المزيد، ولهذا كنت أجري على ظهر فلين.
ظللنا هكذا لفترة دون أي أثر لأليكساندر، حتى سمعت صوت حوافر حصان قريبة ولمحت حصاناً أبيضاً يجري بين الأشجار الكثيفة. خفق قلبي على رؤية شعره الأشقر وفوراً شددت اللجام باتجاهه.
جريت خلفه لفترة حتى أصبحت على مسافة منه ليسمع صوتنا فيبطئ أليكساندر قليلاً في تشوش ويحاول الإلتفات لرؤية من خلفه، ولكني استغللت تباطؤه لأسبقه وأضحك على رؤية وجهه. “لنرى من سيكسب، رويال!”
تطاير شعري خلفي وفي كل مكان وأنا أُسرع أسفل المنحدر مع فلين، ولم يستغرق أليكساندر سوى عدة ثوان ليلحق بنا ويصبح في المقدمة. لمحت ابتسامته المنتصرة وهو يعبر بفرسته البيضاء قبل أن يصبح ظهره لي وهو يتبع الممر المخصص للأحصنة.
“لقد ظننتكِ أفضل من هذا!” هتف بعلوّ حتى أسمعه.
“هيا يا فلين،” ربتّ على جانب فلين في رفق قبل أن أضرب حلقة الركاب بقدمي فيندفع بقوة خلف أليكساندر. عندما ماشى فلين سرعة حصان أليكساندر أدار الأخير رأسه ونظر لي أخيراً. لقد رأيت أليكساندر وهو سعيد من قبل، وهو مشاغب، وهو مستمتع، ولكن الآن كانت تبدو تلك المشاعر حقيقية، وكأنه كان يزيف كل ما مضى طيلة الوقت. لقد أحيته الابتسامة لدرجة أني تفاجئت من وسامته في تلك اللحظة. ضربتني موجة من المشاعر قوية في تلك اللحظة جعلتني أفقد تركيزي لوهلة لينحدر فلين ناحية حصان أليكساندر قبل أن أعيده لليمين مجدداً. لم أستطع النظر لأليكساندر مطولاً، كان علي أن أبعده عن ناظري.
ولهذا دفعت فلين للمقدمة.
تنفستُ من فمي وعاودت التركيز على الطريق أمامي، الطريق المخصص للأحصنة والذي كان سيعيدنا لبداية الغابة من جديد. عندما بدأت أرى مدخل الغابة والبوابات المفتوحة الكبيرة ابتسمت مجدداً، كنت أظن ان بعد سنوات من عدم ركوب الخيل كان سيجعلني مبتدئة من جديد، ولكن الذاكرة العضلية تفوز دوماً.
ولكن انتصاري لم يكن لوقت طويل، فقد سمعت حواف حصانه وهو يسرع خلفي لأشد اللجام وأنحني للأمام حتى أزيد من سرعتي، وفقد عندما كدت أعبر البوابات المفتوحة ظهر جواري.
توقفنا جنباً لجنب وربتّ على فلين في امتنان.
“كان هذا--”
“أعلم.” ضحكت وأنا أشد اللجام ليهدأ فلين من الحماس. كنت أتنفس بسرعة وأنا أرفع رأسي لأليكساندر الذي فتح فمه ليقول شيئاً قبل أن يقطاعنا صوت جديد:
“أكنتما تتسابقان؟”
“آرت! ماذا تفعلين هنا؟” أزاح أليكساندر شعره عن عينه وهو يلتقط أنفاسه من الأدرينالين. ابتسامته كانت لا تزال واسعة.
اقتربت آرتميس بحصانها في برود. “كنت أبحث عنك، ولكن أظنك كنت تريد شخصاً معيناً أن يجدك.”
اختفت ابتسامة أليكساندر تدريجياً ولم يقل شيئاً وهو يدير حصانه التي كانت تحاول عض بعض النباتات.
“لنعد للقصر. أراد آركيت أن نأخذ الهيلكوبتر اليوم فوق المكان.”
كنت أعلم أنه يعني الهرم، لأنه منذ وصولنا لم يشركونا ضمن تجمعاتهم وكان علينا البحث عنهم معظم الوقت لننضم إليهم. تحرك خلفهم في صمت إلى الإسطبل قبل أن يلتفت أليكساندر فجأة إلي. “هل ستأتين معنا؟”
التفتت آرتميس له بسرعة في اعتراض، ولكن يده امتدت لحصانها لتمسك بيدها دون أن يبعد نظره من علي. “ما رأيك؟”
أومأت لتنبثق ابتسامته ناصعة البياض على محياه من جديد ونكمل السير نحو الإسطبل. كانا يتهامسان بينهما ورغم كوني ورائهما مباشرة لم أستطع سماع شيئاً لأتوقف عن محاولة التنصت وركزت على لإستمتاع بآخر لحظاتي مع فلين قبل أن أعود للأكاديمية ولحياتي القديمة.
في لحظة تجاوزنا زاوية الاسطبل، توقف حصان أليكساندر على الفور. عقدت حاجباي وتقدمت بفلين منهما لأرى سبب توقفهما، بينما تحدث صوت.
“عزيزي! لقد كنت أبحث عنك بكل مكان! في النهاية فكرت أنك قد تكون هنا مع ليانا.” كانت والدة أليكساندر تقف بانتظارنا وتقترب من حصانه قبل أن تلحظنا وتتوقف.
“أوه. أفهم الآن.”
لم يغب عني نظرة الإزدراء التي مرت بعيناها عندما وقع بصرها علي، ولكن بصرها توقف على آرتميس قليلاً قبل أن تتجاهل كلتينا. “ماذا كنتم تفعلون؟ هل استمتعم؟” كانت تتحدث بصوت معسول وعال النبرة. تقف في منتصف الإسطبل مرتدية ملابس امتطاء الحصان نفسها. ولكني كنت أشك أنها تركبهم، لم تكن سوى لفتة تعالٍ منها.
لم ينطلي عليّ قناعها الآن بعد حديثي مع أليكساندر. وحتى البارحة عندما قابلتها لأول مرة كان يخالجني شعور غريب حيالها لم يرحني.
“ماذا تريدين؟” تجاهل أليكساندر تمثيلها وحرّك فرسته ليانا صوب مكانها. تبعته آرتميس وأنا قفزت من فوق فلين أخيراً.لم أكن مستعدة للتخلي عنه بعد، لذلك ماطلت في أخذه لمكانه ووقفت أمسح على جلده.
“كنت أظنك وحدك، لذا سنتكلم في وقت لاحق. لا تنس الحفلة الليلة! سوف تكون ممتعة.”
لم يقل أليكساندر شيئاً وكان تجاهله لها واضحاً، حتى أني لم أنظر لها تفادياً للموقف المحرج، لتفهم أخيراً الجو وتتجه للباب كي تغادر. حيث كنت أقف.
لم تكد تصل إلي حتى توقفت وسقط قناعها. “أتظنين أني لا أعرف من تكونين؟ أنا أعرف كل طالب يشارك نفس المساحة مع ابني.” همست بحدة. "أنت فقيرة، ولا يجب أن تكوني حوله. الناس مثلك لا يستحقون أن يعاملوا بنفس المساواة."
“تبدين مألوفة لسبب ما.” ولكني لم أستطع تذكر كيف أعرفها. لا أذكر أني رأيتها من قبل أو ملامحها، ولكن هنالك شئ حيالها كان مألوفاً.
هذا جعلها ترفع حاجباً. “أنتِ مضحكة. وكأنني أعرف أمثالك.”
قلبت عيناي على محاولاتها لمضايقتي، لأنها كانت مثل آرتميس في طريقتها، وبحلول الآن كان لدي مناعة لهذه الطريقة. لقد توقف فقري أن يكون سبباً لإنزعاجي وشعوري بالدونية.
وقبل أن أتمكن حتى من الرد، توجهت حول الزاوية وغادرت. تنفست من أنفس ورفعت رأسي مجدداً كانت أرتيميس تحدق.
"ماذا؟" سألت بحدة. التفتت إلى حصانها دون أن تتكلم.
--------------
بعد ساعة تجمعنا جميعاً على سقف القصر أمام مروحتين. كنت أرتدي بنطالاً أسود ضيق وسترة بنية طويلة وحذاء طويل العنق جلد. آجاكس كان يقف أمامي في سترة سوداء من الجلد وينظر حوله في ضجر، بينما آرتميس كانت تتحدث بحماس مع مارفن وكلتاهما كانا يرتديان ملابس من ماركة جوتشي. آرتميس ببدلة زرقاء وربطة عنق سوداء وكعب عالي، ومارفن ببنطال واسع أبيض وقميص أخضر.
لاحظت تعجبهم من وجودي ولكني لم أعبأ لنظراتهم، وعندما أشار إلي أليكساندر بصعوب مروحيته، انضممت إليه وآرتميس ومارفن وآركيت. أما آجاكس ومالك فكانا في المروحية الأخرى. أخذ كل منا سماعة أذن وارتديت خاصتي قبل أن يبدأ الطيار في التحليق، وفور أن ارتفعنا، التصقت بالنافذة.
كانت منشأة رويال من فوق شئ آخر. فمرمى العين على مستوى الأرض لم يوفي شكلها المعماري حقاً، ولكن من هنا كان بإمكانك رؤية كل تفصيلة لم تلتقطها عينك.
مثل الحديقة الأمامية، والتي امتدت من البوابة وحتى سلالم القصر، لم يكن شكلها عشوائياً، بل كانت مرسومة باحترافية، تشكّل دوائر ومربعات هندسية جميلة. بعدها حلقنا فوق القصر مباشرة، ورغم ارتفاعنا كان لا يزال حجمه كبيراً. كما رأيت منقبل، كان يبدو كالقصور التي بنيت أثناء الثورة الصناعية في فرنسا، وإن كان بالفعل بهذا العرق فهو لم يبدو قديماً، ولا حتى قطعة طلاء متساقطة منه. لقد كانوا يعتنون به بشكل منتظم.
رأيت الإسطبل بعدها والمول التجاري من بعيد، وبعد التحليق قليلاً توجهنا أخيراً للغابة. وكانت شاسعة. تمتد لأميال وأميال، وحتى من مكاننا هذا لم أستطع رؤية نهايتها. كنت أحدق من النافذة بكل شئ، بعيدة تماماً عن حوار الآخرين جواري وأمامي.
في لحظة تفكير مني سحبتُ هاتفي من جيبي لأجد رسالتين من جرايس وواحدة من لينك. فتحت رسالة لينك أولاً:
هل تقومين بما اتفقنا عليه؟ لا تفقدي تركيزك على المهم.
عندما انتابني شعور غريب خرجت من محادثته بسرعة حتى لا يعكر مزاجي. لقد كنت أستمتع بوقتي لأول مرة منذ وقت طويل، ولأول مرة أردتُ أن أكون أنانية من أجل نفسي قليلاً. كنت مدركة أن علي الإلتزام بالخطة كما اتفقنا، ولكن لبعض الوقت أردتُ نسيان كل شئ والعيش في وهم حياتي السابقة.
استدار أليكساندر من المقدمة جوار الطائر وتقابل بصرنا وابتسامة خفيفة تنير وجهه. شعرت أنه يطمئن إن كنت أتوافق على ما يرام مع الآخرون، لهذا أعطيته ابتسامة بسيطة بدون أن أفكر، كرد جميل له على اصطحابي. فهو الوحيد الذي يعرف كم تعني لي هذه الأجواء، وكم تذكرني بحياتي مع والدي.
عندما عاود النظر أمامه أعدت انتباهي للهاتف وفتحت رسالة جرايس. (كيف حالك؟ هل تحتاجيني لألكم شخصاً بعد؟)
وعندما قرأت أحد رسالة اعتصرني قلبي في حزن: (اشتقت لكِ.)
اشتدت قبضتي حول الهاتف ومشاعري وأفكاري في صراع حاد، لم أرد تعريض حياتها للخطر بسببي. لم أرد لشخص آخر أن يتأذ بسببي. ليس بعد ما اكتشتفه من أليكساندر.
ولكنني لم أستطع إيقفا نفسي قبل أن أرسل لها رداً متهوراً: (وأنا أيضاً.)
لم يكن يوجد شبكة بسبب ارتفاعنا حتى تصلها الرسالة لذلك أغلقت الهاتف وعدت للنظر من النافذة. وكانت هذه اللحظة التي أدركت أننا نقترب من ارتفاع الأشجار ليقفز قلبي. لم أكن الوحيدة التي لاحظت تغير ارتفاعنا المفاجئ، لأن آركيت استقام في مكانه وهتف من السماعات:
“ماذا يحدث؟ لماذا نهبط؟”
كان أليكساندر قاطباً حاجبيه وينظر من النافذة عندما التفتنا إليه. “لا أدري، ولكن مروحية الآخرون تقوم بالمثل.”
كان محقاً لأن طيارة آجاكس والآخرون كانت تسبقنا باتجاه الأرض، وعندما شقّ هواء المروحية الأشجار الكثيفة رأينا مهبط الطائرة الذي ينتظرنا. حاولت آرتميس ومارفن الحصول على أجوبة من قائد المروحية ولكنه لم يعرهم أي انتباه، ليرتاجعوا لأماكنهم في صمت. لم يكن يفهم أحد شيئاً، ولكنهم كانوا هادئين على الرغم من ذلك ليقلقني هذا أكثر. فإن كانوا معتادون على حركات مماثلة فأنا لم أكن، وكم أكره ألا أكون مستعدة لشئ ما.
فور هبوط المروحتيّن خرج الجميع مباشرةً، وكنت الأخيرة التي لم تتحرك ليلتفت إلي آركيت في تعجّب. كيف لهم أن ينزلوا في منتصف غابة كهذه والشمس على وشك الغروب؟ نحن كنا على بعد أميال من المنزل وبدون شبكة!
“ألن تنزلي؟”
“هل جننتم؟” اضطررت للصراخ لأن المروحية الأخرى عادت تقلع. إن نزلت الآن ستغادر هذه أيضاً ولن نجد طريقة للعودة.
“إنه لن يبرح مكانه إلا إذا نزلتِ من المروحية. ولن يغادر بكِ إن مكثتِ بها.”
كان هذا جنون. جميع ما يحدث، وهدوئهم المريب، وكأنهم معتادون على أشياء كهذه. عندما لاحظ آجاكس رفضي بالنزول ترك الهرم واقترب من آركيت. “ديانا، يجدر بكِ النزول. ثقِ بي.”
“لماذا؟”
“لنفهم سبب وجودنا هنا.”
بدأت أهز رأسي عندما صرخ مالك من مكانه فجأة لنلتفت جميعنا إليه. كان في أقصى دائرة الأشجار التي تحيطنا رافعاً ذراعه في الهواء، وقد كان ممسكاً بشئ. “وجدتها!”
اقترب منه أليكساندر الذي كان في ركن آخر من دائرة الأشجار لأدرك أن الجميع كانوا متفرقين وكأنهم يبحثون عن شئ ما. عندما تلقّى أليكساندر ما كان بيد مالك هبطت غمامة على وجهه وتصلب كتفاه، وقبل أن يطيل الصمت المحدق علينا رفع ما بيده.
هرب نفس حاد من صدري على الكارت الذهبي الذي لمع تحت ضوء الشمس المتسرسب من بين الأشجار. لم أحتج أن أكون قريبة لأرى علامة الألفين على باطن الكارت، لأن اللون كان كل ما احتجته من مكاني، لأفهم أنها الأكاديمية.
ضحك آجاكس ضحكة خالية من المزاح ورفع رأسه للسماء. “وهنا ظننتنا في إجازة بحق.”
كان الإكتئاب يغيم على وجوه الجميع وأليكساندر يرمي الكارت بعنف للأرض ويدير ظهره لنا. لم أشعر بنفسي أترك مقعدي على متن المروحية إلا عندما امتدت يد آجاكس ليساعدني على النزول. كنت أشعر وكأنني في جسد آخر أشاهد جميع ما يحدث. غصة عنيفة تخنق حلقي وتمنع الكلام من الخروج، حتى بعدما أبعدني آجاكس عن مهبط المروحية وغادرت.
وجدت صوتي أخيراً. “ما معنى هذا؟”
“إنه اختبار.” أجاب أليكساندر ولا يزال ظهره لنا، ودليل ضيقه الوحيد مما يحدث هو كتفيه المشدودين. “إنها لعبة تحب الأكاديمية القيام بها كل فترة عندما لا نتوقع.”
“لا نعلم السبب” همس أجاكس لي عندما كدت أسأل سؤال آخر. “نعتقد أنها مجرد خدعة منهم للنيل من أفكارنا ليس إلا.”
“حسناً.” قال أليكساندر فجأة واستدار أخيراً، وابتسامته المعتادة قد عادت على محياه. اقترب منا والتف الجميع حوله مكونين دائرة قبل أن ينظر في ساعة رسغه. “لدينا بالضبط ساعة على غروب الشمس، وأظن أن هذا هو الإختبار. أن نجد وسيلة للعودة قبل أن تظلم الغابة ونضيع.”
أومأ الجميع على هذا الاسطراد وشعرت أنني الوحيدة التي رأت هذا شديد الخطورة. كيف لهم أن يلقوا بنا في عمق الغابة ويخبرونا بإيجاد طريقة للعودة والمفترض بأن يكون هذا طبيعياً؟
لكن لا شئ طبيعي تقوم به به الأكاديمية.
“لا نعلم بعد إن كان اختباراً فردياً أم جماعياً، ولكن لنبقى قريبين حتى نعثر على أي دليل ونفهم اللعبة.”
“من أين نبدأ إذاً؟” سألت آرتميس لأنظر لها أخيراً لألحظ أنها تحك ذراعها بعنف بسبب الحشرات في الجو. قبض أليكساندر فكه عندما نظر لما تفعله قبل أن يلتفت لمهبط المروحية.
“لا أدري، لنبحث عن كارت آخر أو شئ غريب بالمكان لنرى إلى أين سنتحرك أولاً.”
تفرّق الجميع في ثانية حتى لم يظل غيري وآجاكس مكاننا. “لا تقلقي، لن يحدث لنا شئ.”
“ولما أنت متأكد؟” كنت أشاهد الجميع ينظرون على جذع الأشجار، وبين الحشائش وأليكساندر توجه نحو المهبط يبحث عن أي دليل فيه.
“لأنها ليست أول مرة يختبرونا، ودوماً نفوز بطريقة أم ما.”
“ماذا عن اللعب الفردية؟ هل خسر أحد من قبل؟”
هذا أسكت آجاكس لوهلة قبل أن يومئ. “مرة. منذ زمن طويل.” ثم استدار ليبحث مع الآخرين. وإن لم أكن أنظر إليه مباشرة لم أكن لألحظ توقف بصره على ظهر آرتميس. “ولكنها لم تتكرر مجدداً.”
لم أعرف أين أبحث بعدها لأن الهرم كانوا معتادون على مثل هذه الأشياء وكانوا بالفعل متفرقين بحيث يغطوا كل ركن في الدائرة التي نقف فيها. لم أفهم لما كانوا واثقين أننا سنجد شيئاً هنا قبل أن نتحرك، ولكني لم أعترض لأنها لم تكن مرتهم الأولى. في حين مرتي الأولى كانت الإختبار في الأكاديمية الذي كسبنا منه رحلة لمنزل رويال.
“هل وجد أحد شيئاً؟” استقام أليكساندر من مكانه ولكن الجميع هز رأسه نفياً ليقطب حاجبيه ويقترب من حيث أقف في المنتصف ويتبعه الآخرون.
“لقد مر عشر دقائق بالفعل ولم نجد أول دليل. ما اللعنة؟” زفر مالك في حنق.
“لا أدري. هنالك شئ غريب. عادةً ما يكون الدليل الأول الأكثر سهولة.” وضع أليكساندر يده على خصره في تفكير لتلمع الساعة بضوء ذهبي لثانية قبل أن تختفي.
“لدينا الآنسة بريف بصحبتنا هذه المرة، لا أظن اللعبة ستكون سهلة.” قالت آرتميس وتركت ذراعها لتزيح غرتها عن جبينها. لقد كانت تفرك كثيراً لسبب ما، وكأنها قلقة.
رفع أليكساندر يده عن خصره وتحركت اللمعة مجدداً. “دعونا لا نقفز للإستنتاجات مبكراً، آرت. لنركز على إيجاد الدليل الأول لنعود مبكراً.”
“أنتِ صامتة بشكل مريب.” علّقت مارفن من أمامي ليلتف الجميع إلي فجأة.
تنهدت وانحنيت ألتقط البطاقة الذهبية التي رماها أليكساندر مبكراً. أدرتها بين أصابعي وأنا أستقيم لعلي أجد شيئاً على ظهرها ولكن الكارت كان نفس الشكل في الوجهتين، ذهبي بالكامل وكأنه مرصّع بالبريق وفي منتصفه حرفيّ الألف ورمز الشمس الدال على الأكاديمية مكتوبان بالأسود.
“بماذا تفكرين؟” اقترب أليكساندر مني.
هززت كتفاي وأنا أستمر بتحريك البطاقة في فضول، ومجدداً كان الضوء يتحرك معها ليضرب عيناي. وفي المرة الخامسة التي أدرته فيه تجمدت يدي في الهواء واتسعت عيناي. ملمسها. هذا ما كان غريباً. لم يكن هذه مجرد طلائاً، لأن الطلاء لن يعكس ضوء الشمس بتلك الطريقة... لكنها كانت مطلية بالكامل بالبريق... عدا الرمز.
البريق الذي يمكن تقشيره.
فركت ظافر إبهمي بسرعة ليسقط البريق من على البطاقة مباشرة. شهق شخص ما، واندفعت مارفن من بين الأجساد المحيطة لترى عن كثب. “ماذا تنتظرين؟ تابعي ما تفعلين!”
حملت البطاقة جيداً وبدأت أخربش بظافر سبابتي بسرعة لينزاح البريق من تحت حركاتي، ومع الخربشة الكثيرة بدأ يظهر لون البطاقة الحقيقي من تحتها. الأسود.
اختفى رمز الأكاديمية مع الخلفية السوداء وظهر كامن البطاقة الحقيقي. كان أليكساندر شديد القرب هذه المرة وهو يميل من فوق رأسي لينظر لما هو مكتوب بالأبيض. “اتبعوا الشجرة البيضاء على يمين المهبط.”
“بيضاء؟” سحبت مارفن رأسها ونظرت لمكان المهبط. “لا يوجد شجرة بيضاء هنا.”
“ورقة الشجر.” قال آجاكس وبدأ يتحرك صوبها لننظر لأوراق شجرها، وبالفعل كان هنالك ورقة واحدة بين الأوراق الخضراء مطلية بالأبيض. “لنسرع الآن.”
كان محقاً، ولم نضع وقتاً في السير خلفه، فقد بدأ شعاع الشمس يصبح برتقالياً الآن مما دل على اقتراب الغروب. هذه المرة كان يسير أليكساندر جواري وعندما رفعت رأسي لطوله تكلم أخيراً.
“أعلم بما تفكرين.”
“ماذا؟”
“أن هذا بسبب البارحة. لكني أعلم الآن أنماطهم وهذا شئ خططوا له منذ مدة. ربما...هو سبب وجودنا هنا حتى.”
“أتظن ذلك فعلاً؟”
“لا أدري.” تنهد وعبرنا خلف الشجرة البيضاء وبدأنا نسير خلف آجاكس الذي كان يتبع خط الأشجار خلفها. ولضيق الممر كان على أليكساندر الإقتراب أكثر حتى لامس ذراعه ذراعي فجأة. قفز قلبي عندما لم يبعده مباشرةً...ولم ابعد ذراعي كذلك.
“هنا!” توقف آركيت بسرعة عندما رأى شيئاً وسارع بالتقاطه من بين النباتات. كانت بطاقة أخرى لكن أكبر، وعندما أدارها للجميع توقفنا على العلامة الذهبية التي لمعت عليه. كانت البطاقة سوداء ولكن يتوسطها رسمة ذهبية، وعندما دققنا النظر فهمنا مباشرةً.
كانت علامة آرتميس، القوس، ليهرب منها نفس صغير وتنتشل الورقة من يد آركيت.
“ماذا؟ ماذا تقول؟” اقتربت مارفن لتحاول قراءة ما كتب عليها لتشدها آرتميس بسرعة بعيداً عن ناظرها في حركة فاجأت مارفن.
“إنه سؤال موجه إلي.” فسّرت آرتميس عندما نظر لها الجميع في تعجب من تصرفها.
“إذاً؟ ما الإجابة؟” تقدمت منها بعدما نفذ صبري من تصرفاتها.
أخفضت البطاقة واعتصرتها بين أصابعها. “لا أعلم.”
“ماذا؟” علا صوتي في حدة. “إذاً فكّري! إن كنتِ لن تطلعينا على محتواها فابذلي قصارى جهدك لإيجاد إجابة بنفسك!”
“إنني أحاول!”
رفعت البطاقة وقرأتها مجدداً وسط انتظارنا وعندما مسحت على غرتها بسبب العرق تقدم أليكساندر منها وبدأ يبعدنا. “هيا، أعطوها بعد المساحة لتفكر قليلاً، أنتم تخنوقنها.”
تراجعنا قليلاً لنعطيها بعض المساحة ومارفن وآركيت قررا البحث مجدداً حتى لا يوتروها من انتظراهم. ولكني لم أرفع بصري عنها هي وأليكساندر الذي بحركة بسيطة منه أخفض بصره بسرعة للبطاقة دون أن يلحظ أحد، ولكني فعلت، لأن آرتميس كانت من رفعتها قليلاً إليه. ومن تسمّر ملامحه أدركت أننا في ورطة.
نظرت لهاتفي لتنير الساعة بالسادسة، على بعد نصف ساعة من الغروب. وبالفعل كانت الشمس أقل سطوعاً الآن ولكن كافية لتنير طريقنا.
“الماء.” قالت آرتميس فجأة لأرفع رأسي. استدار مالك والآخرون لها. “إن الإجابة هي الماء.”
“لنعثر على بركة أو مستنقع صغير. أي شئ به ماء.” رفع أليكساندر رأسه عن آرتميس وتنحى جانباً وهو يتحدث، بالفعل يتحرك اتجاه أحد الممرات. “لنتفرق لمدة خمس دقائق ونعد هنا مجدداً. ولا تضلوا الطريق.”
ذهبت للناحية اليمنى لأجد آجاكس ينضم إلي. نظرت ورائي لأرى اليكساندر يعقد حاجبيه في انزعاج ولكنه لم يعلق. “إنك تعطلنا هكذا. نحن لم نتفق على أن ننقسم لزوجين.” أخبرته.
“لا أظن ذلك، نحن سبعة وعددنا كاف لإكتشاف اللغز. ثم أنني كنت سأختار هذا الجانب للبحث أولاً، فأظن أنني لمحت انعكاس جدول ماء ونحن نسير آت منه.”
“حقاً؟ ولما لم تقل شيئاً إذاً؟”
هز كتفيه. “لست متأكداً، والأفضل إن تفرقنا في حال كنت خاطئاً- لنجد الدليل أسرع.”
قلبت عيناي على هدوئه الشديد خصوصاً عندما أخرج دفتره من جيبه وأخذ يخط فيه. “من يرك يظن معك وسيلة الخروج من هنا.”
“أنا فقط واثق في ذكائي.” قال وهو ينظر للمكان حولنا ثم يعود لدفتره ليخط شيئاً بسرعة فائقة. حاولت استراق النظر. “أعلم أننا سنخرج من هنا.”
“أوه.” قلت عندما لمحت ما يرسمه. لقد رسمني وأنا أمشي أمامه والأشجار من حولي.
“إن الحفل الساعة تسعة. إن تأخرنا سيفوتنا.” تفادى آجاكس عيناي وأغلق دفتره.
أبعدت نفسي عنه قليلاً عندما لاحظت أني كنت أميل من أجل أن أرى ما يرسم. “كيف هي حفلات رويال؟”
“فخمة. آنا تحب أن يكون كل شئ مثالي. وبالطبع لا يخلوا الحفل من كبار العالم. لا يعود وريث رويال للمنزل كثيراً، فيحبون أن يراه كل من هو مهم بينما يستطيعون.”
“أها.”
“لما تسألين؟”
“محض فضول ليس إلا.” أجبته وانتفضت عندما فوجئت بأصابعه في شعري. لكنه سحبها ببطء عندما نظرت إليه. كانت عيناه الزرقاء تلمع بقوة.
“حشرة. كانت تمشي عليكِ.”
كانت هنالك العديد من الأشياء التي لاحظتها في تلك الثانية. أن يده لم تبتعد عن وجهي رغم ابتعاد أصابعه عن شعري. وأنه كان أقرب من قليل، وكيف حدث هذا لا أدري. وأنه كان يخفض وجهه.
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أتجمد. كانت مشاعري وأفكاري متخبطة. عدم حراكي أعطاه دفعة من الثقة لتغلغل أصابعه في شعري ويمسك باطن يده جبيني. ثم بدأ يغلق عينيه.
تسارعت أنفاسي، ومع اقترابه أكثر شعرت بشئ يعتصر قلبي، وفي اللحظة الأخيرة أدرتُ رأسي.
توقف آجاكس مباشرة.ولكني تحاشيت النظر إليه وهو يبتعد عني ويضح مسافة آمنة بيننا. كان الجو مشحوناً بيننا وكانت مشاعري متخبطة. وكنت أحتاج أن أبتعد عنه وبسرعة. كنت أحتاج أن أفكر جلياً.
لا بد وأنه شعر بالدوامة التي كانت تدور داخلي، لأنه تنهد. “هيا بنا، لقد مرت الخمس دقائق منذ فترة. أظن أنني كنت مخطئاً.”
عندما وصلنا لمكان التجمع مجدداً كان الجميع يحدق بنا بسبب تأخرنا ولكني لم أقابل بصر أحد. كان مالك أول من تحدث كاسراً الصمت. “لقد وجدتُ بطاقتي، علينا أخذ المنحدر خلف البركة.”
“وأنا كذلك.” رفع آركيت بطاقته ثم قطب حاجبيه وهو يقرأها. “ولكنني لا أفهم ما تقول.”
“ماذا تقول؟”
“إنها فزورة. تجدني على الأرض وبين الرمال، صغيروأرشد كالهلال.أستطيع القفز والهرولة، وستذكرني عند السؤال. تقصّاني تجد الكثير من الحبال.” قرأ ثم رفع بصره إلينا. “لا أدري ما تعني.”
“على الأرجح إنها لما ينتظرنا عندما نتبع دليل مالك.” قال أليكساندر قبل أن يأخذ المقدمة مجدداً ويقودنا حيث قالت بطاقة مالك.
وصلنا إلى البركة في وقت قصير وعندما بحثنا عن المنحدر وجدناه بالفعل. “توخوا الحذر.” قال أليكساندر وهو يبدأ بالنزول. كان المنحدر وعراً، وبعضنا لم يكن يرتدي أحذية مناسبة، بالأخص آرتميس التي كادت تسقط بسبب كعبها لولا يد أليكساندرالتي أمسكت بها. شدها إلى جسده وبدأ ينزل بحذر معها.
تجولنا هكذا لبعض الوقت دون أي جديد، حتى لمحنا شيئاً يلمع فجأة من بين النباتات، وعندما نظرت مارفن عن كثب، كان رمزها. “إنها بطاقتي!”
“مارفن انتظري!” أسرعت آرتميس توقفها ولكن مارفن لم تكد تدس على شئ بالأرض حتى تهاوت الأرض من تحتها هي وآرتميس. كنت الأقرب إليهن ولهذا اندفعت أمسك بيد آرتميس ولكن السقطة كانت قوية لتسحبني للأرض ورائها. زمجرت عدما كاد كتفي يقتلع من مكانه ولكن يد آرتميس تشبثت بي بكل ما لديها.
نظرت لأرى أن مارفن سقطت في حفرة عميقة، وآرتميس معلقة من يدي التي كانت بدأت تنزلق. “لا تفلتينيلي!”
“اصمتي.” أخبرتها من بين أسناني، فمع كل حركة منها كان إمساكها يصبح أصعب. “بعض المساعدة!” صرخت في البقية.
كان أليكساندر بالطبع أول من وصل إلينا، ولكنه لم يكد يحاول مد يده حتى انزلقت أصابع آرتميس من يدي أخيراً. وسقطت جوار مارفن.
“لقد تعمدتِ إفلاتي!” صرخت وهي تنهض. أفسد التراب ملابسها وضفيرتها تماماً وكانت تحدق بي بحدة.
“يكفى!” نهض أليكساندر ونظر حوله في عجلة. “لنجد وسيلة لإخراجهما.”
“أليكس--” صخرت آرتميس في رهبة وهي تلتف حولها. “أليكساندر!”
“أنا هنا! لا تقلقي سوف نخرجكما من هنا!”
هنا لاحظنا أن مارفن لم تتحرك بعد، ليرتعب آركيت. “مارفن! مارفن!”
التفتت آرتميس إليها وجثت أمامها فوراً تحاول إيقاظها وتفقدها. قبل أن تهتف لنا. “لا يوجد أي جروح!”
“آركيت، استمع إلي.” أمسك أليكساندر كتفيه وأداره إليه. “لا شئ يحدث هنا محض صدفة. لقد ذكرت بطاقتك الحبال، حاول في التفكيرفي شئ يخصك قد يكون الإجابة.”
أومأ آركيت بصعوبة وحاول عدم النظر باتجاه الفوهة العميقة قبل
“حجارة!” هتف آركيت فجأة ليلتف أليكساندرإليه بسرعة. “لقد كانت بصمتي في الصورة الفائزة بآخر مسابقة. أنا متأكد من أنها الإجابة!”
أومأ أليكساندر ووجه كلامه لنا بعدها: “مجموعة من الحجارة، ابحثوا عن أي مجموعة وسيكون هناك حبل مخبأ تحتها.”
تحركنا سوياً مباشرة وبحثنا حول الحفرة في كل ركن يمكن إيجاده، حتى وجدتُ مجموعة من الحجارة مرصوصة بطريقة غريبة لتخفي شيئاً فأسرع بمحاولة إزاحتها فوراً. اتخذ مني الأمر وقتاً لأن الحجارة كانت كثيرة وكانت تصنع بعض الجروح البسيطة في باطن يدين ولكني وجدت نفسي أحدق بمجموعة حبال فجأة.
عدت للمجموعة أركض وعندما لمحني آركيت قابلني في منتصف الطريق وانتشل الحبل مني ونادى على باقي الفتية. وقفت وحدي أشاهدهم يرفعون مارفن بعدما ربطت آرتميس خصرها جيداً سوياً، وبعدها بدأوا بسحب آرتميس. فور ملامستها الأرض ذهبت سريعاً لصديقتها مع آركيت وبدأوا بمحاولة إيقاظها.
“ألدى أحدكم زجاجة ماء؟”
هززنا رؤوسنا بالنفي ليتنهد آركيت ويزيح شعر مارفن عن وجهها وينظر لها بأسى. لم أستطع مشاهدتهما لألتفت وأذهب للسبب الذي أودى بها هكذا. نهضت ببطاقتها من الأرض ونظرت لما هو مكتوب عليها.
“ماذا تقول؟” اقترب مني آجاكس.
هززت رأسي. “شئ متعلق بالتصميم. لا أفهم شيئاً.”
“لنبحث عن باقي البطاقات حتى تستعد وعيها. عودوا هنا بعد خمسٍ.” تحدث أليكساندر. “آركيت امكث معها أنت.”
تحركنا جميعنا فوراً بعدما أعطيت آركيت بطاقة مارفن. تنقلت قليلاً بين الأشجار ولكن دون أن أبتعد كثيراً، حتى لمحت بطاقة ذهبية مخفية بين بعض الصخور. لأذهب إليها.
وعندما قرأت المكتوب تجمدت أوصالي.
“كلمة قلتها ليلة أمس.”
إنهم يتلاعبون بنا. كل هذا من أجل أن يلعبوا بأعصابنا. كيف لهم أن يتنصتوا علينا حتى ونحن في قارة أخرى؟ أليس هنالك مهرب منهم في أي مكان؟
“أهذه بطاقتي؟”
قفزت على ظهور أليكساندر وخلفه مالك من بين الأشجار. ولكن أليكساندر تردد على رؤية وجهي قبل أن يأخذ البطاقة مني ويقرأها. شحوب وجهه كان الدليل الذي احتجته لأفهم أنه لم يتوقع أنهم يتنصتون علينا حتى هنا. وأنهم الآن على علمٍ بأنه قد أخبرني بسرّه.
رفع مالك بطاقة بيده. “وجدت بطاقتي، وهي ما دلّتنا لهنا.”
أومأت وتركتهما لنعد لآركيت ومارفن وأفكاري تحوم بكل مكان. هل هذا يعني أنه سيعاقب عندما نعود؟ ما معنى هذا، وكيف لهم أن ينصبوا اللعبة في وقت قصير فقط من أجل هذا؟ وهل هذا سبب الإختبار فعلاً أم أنه تضليل للسبب الحقيقي؟
وهل هذا تحذير منهم أم تهديد؟
وصلنا لنجد مارفن جالسة مع آركيت يتحادثان، والآخرون معهم. فور رؤيتنا نهضوا. “لقد توصلنا لحل بطاقة مارفن. إنها تريدنا أن نتوغل أكثر في الغابة من ذلك الإتجاه.”
عندما بدأنا نتحرك أخذت أشاهد أليكساندر من ظهره والذي كان صامتاً لأول مرة. لم أعلم ما يفكر به، ولكنه كان يتفاداني الآن. حتى وجّه كلامه لنا أخيراً: “أبقوا تركيزكم على أي شئ قد يحمل كلاماً أو حروف. أي شئ. إنه دليلنا التالي.”
كيف له أن يعلم كل هذه الأشياء؟ منذ بدأنا وهو أكثر شخص كان يتوقع نمط اللعبة ويفكر كما يريدون. كان هذا شيئاً يؤرقني. لقد كان بارعاً بطريقة غريبة.
“هنا.” التقط آجاكس حجارة ناعمة صغيرة من الأرض وأدارها لنا. “مكتوب عليها حرف واحد. الألف.”
وبالفعل كان الحرف مكتوباً بخط كبير أبيض.
“وجدت واحدة أيضاً.” قالت آرتميس من مكانها واستقامت وبيدها صخرة مماثلة. “العين.”
“الباء.” قال أليكساندر وهو يحدق بما وجده.
“وجدت أخرى!” قالت مارفن وهي تلتقط واحدة أخرى كانت مخفية تحت بعض النباتات. لا أعلم كيف يجدوا تلك الأشياء بسرعة، ولكن لا بد وأنها الخبرة. “إنه حرف ال--”
“قاف.” أجاب أليكساندر بهدوء لنلتفت له جميعاً في دهشة. ولكنه اكتفى بتجميع الصخور ومن ثم جلس على الأرض وأخذ يكوّن بها كلمة. وفورما قرأتها ارتعشت أصابعي في غضب.
“عقاب.” قرأ آجاكس في فضول. “كيف علمت؟”
تجاهله أليكساندر وقلب كل صخرة بالترتيب الذي وضعه على ظهرها، لنكتشف وجود كلمات صغيرة محفورة على كل واحدة منهم. ومعاً كوّنت جملة.
“شريطة حمراء. اتبعوها، تصلوا للمكان الأخير.” قرأ أليكساندر ثم رفع رأسه وأخذ ينظر حوله، ولكن الآن كانت الرؤية تصبح خافتة، ولهذا نهض وتحركنا خلفه.
حتى أشار لشريطة حمراء مربوطة حول جذع شجرة عالٍ. “إنه أثر. استمروا في النظر لواحدة مماثلة وستقودنا للمكان الأخير.”
وبالفعل وجدتُ التالية وأخذنا نتبع أثر الشرائط المعلّقة في الأشجار حتى توقفت تماماً، وكنا في دائرة من الأشجار جديدة. عاودنا البحث على أي شئ جديد.
“ديانا، إنها بطاقتك.” قال مالك ثم ناولني إياها. كان في منتصفها علامة أفعى ذهبية، قرأتُ ما كتب:
“قسمت قلبي لنصفين، ثم تركتني ورحلت.”
“ماذا يعني هذا؟” سأل مالك.
عقدتُ حاجبي وقلبتُ البطاقة ولكن ظهرها كان خالياً. “لا أدري.”
“ديانا فكري، لقد غربت الشمس، وأمامنا بضع دقائق حتى يحل الليل تماماً.”
حسناً حسناً، لأسترخي وأفكر بعمق. هناك سبب أن هذه بطاقتي أنا وليست غيري، إذاً هذه الجملة مرتبطة بي بطريقة ما. هل تعني أبي؟ ولكن... إن علمت الإجابة... فماذا أفعل بها؟
فجأة سمعنا صوت خربشة في الأوراق، لنجد آجاكس يظهر من خلاله. لم ألحظ أنه قد اختفى.
“أين كنت؟!” احتد أليكساندر. “من المفترض بك المكوث معنا حتى نجد بطاقتك الأخيرة!”
“بطاقتي؟” سحب آجاكس شيئاً من جيب سترته الجلد لتتضح أنها ورقته. “لقد وجدتها منذ مدة.”
“ولما لم تخبرنا!” اندفع أليكساندر في اتجاهه ولكن أوقفه آركيت قبل أن يصل لآجاكس.
“لأنها بلا فائدة. إنها مرتبطة ببطاقة ديانا. عليها حل خاصتها أولاً حتى أفهمها.”
“ماذا؟” نهضت بسرعة من مكاني وذهبت إليه. “أرني إياها.”
أعطاني إياها فور مدي يدي له لأقرأها، ثم يسقط قلبي. ديانا بريف. كلمتان فحسب، هذا كل ما امتلكته. أخفضت يدي. ”أنا لا أفهم.”
“ولا أنا. ولكني خمنتُ أنها تعتمد على حلك لبطاقتك.” نظر للبطاقة الأخرى التي كنت أحملها. “ماذا تقول؟”
أريتها إياه ليحدق بها مطولاً. “هل هو شئ كتبته؟”
تنهدت واستدرت للأشجار. “كلا--” بترت عبارتي وتوسعت عيناي في استدراك، لتندفع آرتميس إليّ بسرعة.
“ماذا، هل توصلتِ إليها؟”
انتشلت البطاقة من يد آجاكس ونظرت لها مجدداً. “إنها أغنية غنيتها في آخر صف لآفين قبل أن أسافر. ليست أغنيتي ولكنها بالفعل كانت تمتلك هذا المقطع.”
“من ثم؟ ماذا نفعل بهذا؟” كان إحباط آرتميس ونفاذ صبرها واضحاً، وكنت أعلم أننا لو لم نكن بحاجة لأن نتحد لنجد حلاً يخرجنا لكانت عاملتني بقسوة الآن. “ما اسم الأغنية.”
“أنزف من أجلك.”
هذا جعلها تخرج ضحكة عفوية جافة، واستمرت الضحكة حتى مالت للأمام قبل أن تتوقف تماماً وترفع رأسها في برود، وقد بدأ صوتها. يعلو “وماذا يخبرنا هذا؟ أين الحل إذاً؟!”
“اهدأي آرت،” ربتت مارفن على كتفها لتمشط الأخيرة شعرها بأصابعها في توتر. “أعطيها وقتاً.”
“انظروا حولكم،” تحدث أليكساندر وهو يتراجع عن دائرتنا، عيناه الثاقبة بالفعل تدور حولنا. “هنالك قطعة ناقصة من الأحجية. استخدموا كشافات هواتفكم واعثروا على أي شئ مخفيّ حول هذه الدائرة. ديانا، حاولي تذكر أي شئ يفيدنا، ربما مقطع آخر في الأغنية، أو المقطع الذي يلي هذا. أي شئ.”
أومأت وتركتهم يبحثون.
“ليكس--” نادت مارفن من مكانها بعجلة، لنجدها تجثو أمام صخرة كبيرة وتوجّه ضوء هاتفها إليها. “تعال بسرعة.”
تحركنا جميعنا مع أليكساندر ولكنه كان من أخذ من مارفن هاتفها وسلّط الضوء على ما كانت تحدق به، لنفاجئ بكلمات صغيرة محفورة على الصخر. ضيّق أليكساندر عينيه وقرأ بعلو:
“ديانا بريف وحدها من تسلك الممر.” سحب أليكساندر رأسه بسرعة في صدمة. “هل فقدوا عقلهم؟”
تبادل الجميع نظرة تردد بينهم لأقبض فكي وأتحدث. “لا بأس. إن الأمر مرتبط بالبطاقة لا شك.”
“لكن الليل قد حل،” قال آركيت بصوت خافت. “لا يجدر بكِ المتابعة وحدك.”
رفعت هاتفي الذي كان يضيئ بالكشاف. “سأعتمد على هذا.”
كان أليكساندر يتنفس بحدة ولا يزال جاثياً على ركبتيه. “إنها خدعة. كان الغرض من هذه اللعبة هو فصلكِ عنّا.”
ابتسمت ابتسامة ساخرة وأنا أنظر لآرتميس التي نظرت بعيداً بسرعة: “أظننا نعلم الآن سبب وجودي هنا.”
وبدون تفكير طويل تحركت للممر المتواجد خلف الصخرة الكبيرة، ممسكة بهاتفي في يدي وبطاقتي وبطاقة آجاكس في جيبي. لم أكد أخط خطوتين حتى أوقفتني يد أليكساندر من كتفي. “خذي هذه أولاً.”
نظرت ليده الممتدة في تعجب لألتقط سكينة الجيب المتنكرة على هيئة مفتاح. كانت تنتمي لفتاة بلا شك، وعندما نظرت لها بتمعن وجدت حرفين مكتوبين عليها. أ.ج.
ابتلعت الشعور الغريب الذي تكون في حلقي واستدرت دون أن أنظر لأحد، حتى لا يروا ملامح وجهي، وخطوت للممر. “ماذا نفعل الآن؟” سمعت الهمسة بعدما تحركت.
أجاب آجاكس بعد وهلة من الصمت: “ننتظر.”
بحلول الآن كانت الغابة أصبحت دامسة كلياً، وبالكاد كان كشاف الهاتف يضيئ مترين أمامي، لهذا كنت أتحرك بحذر. نظرت حولي بتمعن ولكن لم يكن هنالك أشجار حيث أسير، ولا صخرة كبيرة، ولا أي شئ بلون مختلف، لهذا تابعتُ السير.
“هل ترون شيئاً؟ لا أستطيع رؤية شئ.” شعرتُ ببعض الطمأنينة لكوني لا زلت أسمع صوتهم، ولكني كنت أبتعد أكثر فأكثر.
“هل وجدتِ شيئاً؟” صرخ مالك بعد خمس دقائق.
“ليس بعد!” استدرت أصرخ باتجاهم، وكان هذا خطأي، لأني لم أدرك أن أمامي مباشرة كان يوجد منحدر عميق...ووجدت نفسي أسقط.
توقف قلبي عندما بدأ جسدي يدور على المنحدر بسرعة فائقة. لم أشعر بنفسي أطلق صرخة إلا عندما ارتطمت بقوة بالقاع. أنيت وأنا أمسك رأسي وأعتصر عيناي.
“ديانا!” تناهى إلى مسامعي صرخة أليكساندر الخافتة. اللعنة، لقد ابتعدت كثيراً الآن.
لحسن الحظ أني لم أشعر بأي شئ مكسور. حاولت النهوض برفق ولكن ألم رأسي كان لا يطاق، ولكن بعد لحظة ذهب الصداع وتمكنت من فتح عيناي أخيراً. لأقابل الظلام التام. توسعت عيناي على أوجهما وحاولت تحسس الأرض من حولي بحثاً عن الهاتف، ولكن عندما ظلت أصابعي تقابل التراب والوحل فحسب بدأت أهلع.
تسارعت أنفاسي وبدأت أزحف قليلاً محاولةً العثور على هاتفي ولكن ضوئه كان قد اختفة تماماً، ولم أدري إن كان سقط مني أعلى التلة أم انكسر مع سقوطي. عندما لم يجدي شيئاً بأي نفع قررت النهوض والنظر حولي. كان ضوء القمر يتخلخل من بين الأشجار الكثيفة وبالكاد ينير طريقي، كل ما تمكنت من رؤيته هو أوراق الشجر عندما رفعت رأسي للسماء. وقد كانت الأشجار شاهقة، وفي كل مكان.
لم أعلم إلى أين أذهب.
وكنت خائفة.
هرب صوت منتحب من حلقي وأنا أتحرك. هنالك سبب لقدومي هنا. هم لن يجعلونا نضيع في الغابة دون وسيلة للعودة. إن الهرم مهم لهم ولن يتركونهم ليلقوا حتفهم.
الهرم. وليس أنا.
بدأ العرق يتصبب مني رغم برودة الجوّ وكنت أشعر بنوبة هلع تحدق بي. لقد كنت ضائعة. وسوف يتركوني هنا. لا أمتلك من يهتم لأجلي. أنا لست بأهمية الهرم. سوف أظل هنا وحدي. في الظلام التام.
“أليكساندر،كلا! لا يجدر بك مساعدتها!” تناهى إلى مسامعي صيحة آجاكس فجأة.
“ديانا!” التفت على صرخة أليكساندر البعيدة. لكني لم أكن أرى شيئاً. لم أعلم من أين يأتي صوته. “ديانا!”
اعتصر صدري ألم أنفاسي المتسارعة وحاولت البحث عن مصدر صوته دون أن أضع تركيزي على الهلع الذي يتملكني. “أنا هنا،” انتحب صوتي لأتوقف وأتكئ للأمام بسبب اختناق رئتاي. حاولتُ التنفس بصعوبة وتهدئة أفكاري حتى أركز على صوته.
“ديانا!” أتت صرخته المرتعدة مجدداً، وهذه المرة كانت أقرب.
“أنا هنا!” وجدت صوتي أخيراً. “أنا هنا!”
لمحت بقعة ضوء تتحرك فجأة لأستدير حيث كان أليكساندر يعدو بهاتفه، وفور أن سلط ضوئه عليّ أسرع نحوي. توقف مكاني وتنفست الصعداء، ولكنه لم يتوقف بل استمر بالجري حتى ارتطم بي وسقطنا سوياً للأرض. أغلقت عيناي وتشبثتُ به بينما حاول أن ينظر إلي جيداً ليتفقد أي جروح.
“هل أنتِ بخير؟ هل حدث لكِ شيئاً؟” كانت يتحدث بسرعة وأصابعه تدير وجهي وجفلت عندما سلّط الكشاف في عيناي مباشرة ليسرع بإزاحته قليلاً. لم أدرك أني لا زلت أرتعش إلا عندما شد أليكساندر ذراعيه حولي وأخفض وجهه لكتفي.
“لا بأس. أنا هنا. لا بأس.”
هدأت أنفاسي أخيراً بعدمدة وبدأت أتنفس بطريقة طبيعية، ولكن لم يتحرك أحدنا. حتى سمعنا صوت جديد فجأة. “ديانا؟”
تنحى أليكساندر سريعاً من فوقي وسحبت نفسي لأنهض وأقابل ضوء آجاكس الذي كان ينظر بيننا في تعجب. “هل...هل أنتِ بخير؟”
أومأت لأني لم أثق بصوتي لحظتها. تفاديت النظر نحو أليكساندر الذي كان ينفض التراب من ملابسه قبل أن يلتقط هاتفه ويستقيم، ليتجمد. “لقد وصلنا.”
استدرت بسرعة لأرى ما يحدق به لأفاجأ بمهبط طائرة مختلف عن الذي وصلنا به. هذه هي، هذه هي طريقة خروجنا. لكن... “كيف نطلب المروحية؟”
لكن أليكساندر كان مركزاً على شئ لمحه بالفعل، ليتحرك صوبه فأتبعه بسرعة قبل أن نتوقف أمام ما يشبه المنصة. فوقها كان يوجد زرين كبيرين، واحد أحمر وواحد أزرق. ومكتوب تحتهما أن نختار واحد فقط، والصحيح سيعيدنا للمنزل، لكن الخطأ سيعطل الزر الآخر.
“كيف سنختار إذاً؟” تسائل آجاكس وهو يقرأ معنا.
واحد فيهم سيستدعي الطائرة، والآخر سيعطل الزر الصحيح. وسنفقد وسيلتنا الوحيدة للرحيل.
...رحيل؟
قاطبةً حاجباي، سحبت بطاقتي من جيبي وحدقت بها. قسمت قلبي لنصفين، ثم تركتني ورحلت.
“قسمت قلبي...” همست في تفكير. التفت إلي أليكساندر فوراً:
“ماذا؟ بماذا تفكرين؟”
لكني لم اكن أسمعه، كانت الخيوط تتحرك في عقلي أخيراً وأنا أعيد النظر للبطاقة. ثم ترتكني ورحلت...قسمت...لنصفين...
وفجأة: توصلت للحل.
“أنزف من أجلك.”ضحكت في صدمة. هذه هي. لكن...
“بطاقتي، ديانا. بطاقتي.” تنفس آجاكس الإجابة وكأنه فهم ما توصلتُ إليه أخيراً، لتتسع عيناي على ما قال، وبسرعة سحبتُ بطاقة آجاكس كذلك ونظرت لها. لم أكن متأكدة، ولكن أملت أن ينفع هذا، لأنها لو لم تكن البطاقة المنشودة... فسنخسر الطريقة الوحيدة للعودة.
ولهذا، وقبل أن أشك في قراري، مزّقت بطاقتي.
كان أليكساندرعلى وشك إيقافي ولكنه توقف فور أن وجد القسمين من البطاقة يقطّران لوناً أحمر داكناً. بسرعة وضعت بطاقة آجاكس على المنصة ورفعت النصفين فوقها. وفور سقوط القطرات الداكنة عليها، بدأ يتغير لونها. لم يكفي النصفين ولهذا مزقت البطاقة لقطع أكثر وانتظرت اللون يتغير.
“الأزرق!” قال آجاكس فورما بدأ اللون يظهر، وبسرعة التفت أليكساندر وضرب الزرّ.
في البداية لم يحدث شئ، ولكن تخلل الصمت بيننا عدا من صوت أنفاسنا المترقبة صوت مروحية، لأتنفس الصعداء أخيراً وأجلس أمام المنصة. وضعت وجهي بين ذراعاي وحاولت عدم التفكير في شئ، حتى ظهر ضوء قوي فوق رؤوسنا لنرى المروحية تقترب. ولم تكد المروحية تهبط بعد دقائق حتى وجدنا الآخرون يركضون حيث كنا.
وقفنا جميعنا والهواء يضربنا ننتظر المروحية أن تتوقف حتى أن شعري دخل في عيني، وشاهدت آرتميس تركض نحو أليكساندر، وآركيت يتقدم ويده في يد مارفن. وفور أن فتح باب المروحية، كنت أول من يدخل كما كنت آخر من يخرج منها.
ومن ثم غادرنا جميعاً.
ديانا لو تسوي شي ل جرايس راح اكلهاااا
ردحذفتعرفين وين الاقي البارت 18 ؟؟
حذفاذا موجوده ف القروب حتلقيه هناك بي دي اف
حذفاي قروب؟ تكفين ابي ادخله!!
حذففروب ابولوز في الفيسبوك
حذفلقيتي الفصول؟ دا ملف بي دي اف تلقيها فيه.
حذفhttps://drive.google.com/file/d/1IWhABklu70MXuzkikGfdE1nzDoQhRjBi/view?fbclid=IwAR2tUTeRSQmU9yxoPOpJleA2TE94p9FsYPK9x1PTUTMfI35WDoBVm-s-hvE
ثانك يووووووو ربنا يكرمك يارب بقالي كتير مستنية ♥️♥️♥️
حذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذففي تاريخ محدد لنزول الفصول؟
ردحذفاجاكس لا اصيده مافيه كرامه
ردحذفاجاكس حبيبي مش كل يوم العيد
ردحذفالفصل حلو لكن قصير كان نفسي يبقي اطول من كده بالذات ان اخر فصل كان تقريبا من ٦ شهور
ردحذفوين الاقي بارت 18 ؟
حذفالسكين مكتوب عليها أ.ج "ارتميسا جولز" واو
ردحذفاجاكس حبيبي الوضع مب لعبه كل ما حبيت ييت تدور بوسه ودي اكفخه وخرررر هششش
ردحذفاوكي الكساندر كني وقعت في حبك شوي وراك مصيبه بس إلى الآن انت مفضلي طبعا بعد بنتي
ردحذفتكفون وين الاقي البارت 18 !!!
ردحذفهل للكتابة حساب في تويتر ومتفاعله فيه ولا فقط فيسبوك؟
ردحذفابغى حساب الكاتبة فيسبوك
ردحذفلو انتِ ككاتبه بتشوفي الكومنت بتاعي ف انتِ حقيقي مبدعه ♥️ ومعلش فيه فصول مش موجوده ياريت تبلغينا هينزلوا ولا ايه لاني واقفه عند البارت 17 ، ولو انتِ قارئه زيي ف لو لقيتي حل للفصول اللي دش موجوده ياريت حد يبلغني عايزة اكملها 😩
ردحذفموجودين pdf معايا بس مش عارفة لو عيزاهم ابعتهملك ازاي؟
حذفيارييييت عايزهم جدا لو عندك اكونت انستا ابعتيلي اسمك بالظبط وقوليلي حاطه صورة ايه وهتواصل معاكي
حذفالبنوته اللي معاها باقي الفصول pdf ابعتلي يوزر الانستا وهكلمك انا واسمي واضح موني الاكونت بنفس الاسم
ردحذفمعلش والله مجاليش اشعار ونسيت استني هبعتلك اليوزر وابعتيلي لو لسه عيزاهم
حذفmalk_boghdady وحطاه افتار كرتون كده بنوته لابسه اسود
البنت اللي قالت معاها الفضول pdf انتتتتتييييي فيييييييننن ؟ مستنياكي تقوليلي يوزر الانستا بتاعك مش عارفه اكمل الروايه من غير الفصول اللي في النص
ردحذف+١
حذفمتى موعد تنزيل الفصول؟؟
ردحذفحلمي بسيط؛ نفسي تسبيح تنزل البارتس بانتظام
ردحذفانا بقرأ الرواية دي من و انا في ثانوي تقريبا و حاليا انا هتخرج من الجامعة😭😭
حرفيا والله
حذفهي تسبيح ملهاش وسيط نكلمه بحيث نعرف هتنزل امتى البارت ولا هتسحب على الروايه لان كل الاكونتات بتاعتها مقفولة ومش ببتكلم اساسا عن الرواية الفضول هيمووووووتنس للفصول قدام
حذفوحشتني احداث الرواية منجد
ردحذفمافي عيدية
ردحذففي عيدية؟؟؟
ردحذفاتمني يا تسبيح انك متسحبيش على الرواية تاني 😭😭😭
ردحذفحد معاه لينك جروب ابولوز اللي بتقولوا عليه ده مش لاقيااااااه ، حد يفيدني
ردحذفhttps://www.facebook.com/share/xB1vQBD8sBfnjZoW/?mibextid=K35XfP
حذفحساب فيسبوك
ياجماعه ودي ادخل قروب الفيس بوك بس ماني عارفه للبرنامج 😢
ردحذفو اناااا بعمل طلب و بجاوب الاسئلة و بيتكنسل لوحده مش فاهمه
حذف@jennie Kim ده اسم حسابي عشان لو ادمن شافته دخلونيي بلييززز
متى الفصل الثلاثون
ردحذفمعقوله كانو عايزين ينقذو ديانا بس
ردحذفشكلهم مهتمين بيها اكتر من الهرم مش زي ما هي مفكره
رجعت اكتئبت تاني بعد ما عدتها امتي هافرقها لما تنتهي اخر مره و ارتاح
ردحذفالشوء صعب اوي
ردحذفبالمناسبة عايزه ادخل جروب الفيس ضروري معتش لقياه
ردحذفأربعة اشهر
ردحذفو 7 سنوات
ردحذفالقصد مش الضغط على الكاتبة لكن اشتقنا
ردحذفاحد يعرف عن الكاتبه شيء؟
ردحذفأنا بقول الكاتبة تكتب الرواية والحبكة في الفصل الجاي و تنهيها عشان واضح انه هي مشغولة بحياتها وانا عايزة اعرف نهاية القصة قبل ما اموا
ردحذفضحكتيني والله حقك
حذفمتى راح نشوف الرقم ٣٠
ردحذفأتمنى من الكاتبة ان تحدث قريبا لان حرفيا الرواية هاي my comfort book
ردحذفلما قرات الرواية كانوا الابطال اكبر مني و أنا الحين صرت اكبر منهم الله يعين
ردحذفازاي حقيقي اوي كدا
حذفجاوبت عن اسئلة المجموعة ولم يتم قبولي ما العمل؟؟
ردحذف🙏🏻🙏🏻🙏🏻🙏🏻🙏🏻🙏🏻🙏🏻
ردحذفI miss you
ردحذفاجاكس المريض مبين فيك كل بلاء
ردحذفحرام كده يارتني ما عرفت الرواية دي المشكلة ان فضولي نحايتها لسه موجود برغم مرور السنين ياريت الكاتبة فعلا تقول الحبكة و خلاص لأن واضح انها فقدت الشغف
ردحذفمن جد كلتي الي في قلبي
حذفطيب حرام هذا الكلام ممكن يخليها تفقد الشغف اكثر و بالنهاية أكيد عندها سبب لتبعد عن الكتابة انو الكاتب له حياة و انشغالات
حذفلا قلة الاهتمام والغياب المتقطع كل مرة قلة ذوق على الأقل تقول ظروفها ومتى تنشر لكن تخلينا معلقين قلة ذوق
حذفايش هذا؟ مو طبيعي الروايه كل فتره تتوقف
ردحذف…….
ردحذفمش متعودة اعلق لكن حبيت أقول للكاتبة اذا فقدت الشغف تقول حبكة القصة وتخلصنا لانو حرام عليها كل هذا انتظار
ردحذفوالله تعبنا عنجد
حذفكتيييييييرررر
حذفطيب مافي هدية السنة الجديدة
ردحذفهل الكاتبه بخيير؟ لانو احس مو طبيعي الاختفاء هذا
ردحذف😭😭😭 اريد فصلا
ردحذفاشتقت😭
ردحذفبعد شهر راح تمر سنة على اخير فصل ، بليز مافي فصل جديد على الاقل تقديرا للناس الي تقرا الرواية من 7 سنوات و إلى الآن منتظرين بكل شغف
ردحذفنطالب بعيدية
ردحذفعنجد مستحيل
ردحذفاشتقت لايام المراهقة و انا اقرأ هاي الرواية 😭😭
ردحذفوالله لو انك تنحتين البارت بالصخر خلص من زمان
ردحذفحرام عليككك😭😭